سورة الحاقة - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}
قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} يريد القيامة، سميت بذلك لان الأمور تحق فيها قاله الطبري. كأنه جعلها من باب ليل نائم.
وقيل: سميت حاقة لأنها تكون من غير شك.
وقيل: سميت بذلك لأنها أحقت لأقوام الجنة، وأحقت لأقوام النار.
وقيل: سميت بذلك لان فيها يصير كل إنسان حقيقا بجزاء عمله.
وقال الأزهري: يقال حاققته فحققته أحقه، أي غالبته فغلبته. فالقيامة حاقة لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل، أي كل مخاصم.
وفي الصحاح: وحاقه أي خاصمه وادعى كل واحد منهما الحق، فإذا غلبه قيل حقه. ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء: إنه لنزق الحقاق. ويقال: ماله فيه حق ولا حقاق، أي خصومة. والتحاق التخاصم. والاحتقاق: الاختصام. والحاقة والحقة والحق ثلاث لغات بمعنى.
وقال الكسائي والمورج: الحاقة يوم الحق. وتقول العرب: لما عرف الحقة مني هرب. والحاقة الأولى رفع بالابتداء، والخبر المبتدأ الثاني وخبره وهو مَا الْحَاقَّةُ لان معناها ما هي. واللفظ استفهام، معناه التعظيم والتفخيم لشأنها، كما تقول: زيد ما زيد! على التعظيم لشأنه. {وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ} استفهام أيضا، أي أي شيء أعلمك ما ذلك اليوم. والنبي صلي الله عليه وسلم كان عالما بالقيامة ولكن بالصفة فقيل تفخيما لشأنها: وما أدراك ما هي، كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها.
وقال يحيى بن سلام: بلغني أن كل شيء في القرآن وَما أَدْراكَ فقد أدراه إياه وعلمه. وكل شيء قال: {وما يدريك} فهو مما لم يعلمه.
وقال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه: وَما أَدْراكَ فإنه أخبر به، وكل شيء قال فيه: {وما يدريك} فإنه لم يخبر به.


{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (4)}
ذكر من كذب بالقيامة. والقارعة القيامة، سميت بذلك لأنها تقرع الناس بأهوالها. يقال: أصابتهم قوارع الدهر، أي أهواله وشدائده. ونعوذ بالله من قوارع فلان ولواذعه وقوارص لسانه، جمع قارصة وهي الكلمة المؤذية. وقوارع القرآن: الآيات التي يقرؤها الإنسان إذا فزع من الجن أو الانس، نحو آية الكرسي، كأنها تقرع الشيطان.
وقيل: القارعة مأخوذة من القرعة في رفع قوم وحط آخرين، قاله المبرد.
وقيل: عني بالقارعة العذاب الذي نزل بهم في الدنيا، وكان نبيهم يخوفهم بذلك فيكذبونه. وثمود قوم صالح، وكانت منازلهم بالحجر فيما بين الشام والحجاز. قال محمد بن إسحاق: وهو وادي القرى، وكانوا عربا. وأما عاد فقوم هود، وكانت منازلهم بالأحقاف. والأحقاف: الرمل بين عمان إلى حضرموت واليمن كله، وكانوا عربا ذوي خلق وبسطة، ذكره محمد بن إسحاق. وقد تقدم.


{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)}
فيه إضمار، أي بالفعلة الطاغية.
وقال قتادة: أي بالصيحة الطاغية، أي المجاوزة للحد، أي لحد الصيحات من الهول. كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]. والطغيان: مجاوزة الحد، ومنه: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ} [الحاقة: 11] أي جاوز الحد.
وقال الكلبي: بالطاغية بالصاعقة.
وقال مجاهد: بالذنوب.
وقال الحسن: بالطغيان، فهي مصدر كالكاذبة والعاقبة والعافية. أي أهلكوا بطغيانهم وكفرهم.
وقيل: إن الطاغية عاقر الناقة، قاله ابن زيد. أي أهلكوا بما أقدم عليه طاغيتهم من عقر الناقة، وكان واحدا، وإنما هلك الجميع لأنهم رضوا بفعله ومالئوه. وقيل له طاغية كما يقال: فلان راوية الشعر، وداهية وعلامة ونسابة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7